ثقافة محمد علي بن جمعة: أن أخصّص مخزنا ثقافيا للشباب أفضل من غسيل دماغهم لتوريطهم في الإرهاب

تساءل البعض في الآونة الأخيرة عن سرّ غياب الممثل محمد علي بن جمعة خاصة وانه كان كثير النشاط في جلّ المجالات من المسرح الى السينما الى الدراما وصولا الى الراب وماخلفته هذه التجربة من ردود افعال متباينة، ليتبيّن ان دالي بن جمعة انشغل مؤخرا في مشروع ثقافي اشتغل عليه منذ ما يزيد عن عشر سنوات والمتمثل في المخزن الثقافي.. هذا المشروع الذي انطلق من مجرّد مستودع لوضع السلع الى ان تحوّل الى فضاء ثقافي جميل يضم نوادي مسرح وموسيقي وسينما وادب ورسم وفضاء للمطلعة وغيرها من الانشطة واخيرا تطّور وضمّ جمعية تهتم باعادة البريق الى جهة باب سويقة ...
حول هذا المشروع والتحدّي الذي كسب فيه محمد علي بن جمعة الرهان كان لنا معه هذا الحوار الذي تحدثنا فيه ايضا عن تجربته في الراب ومسائل اخرى ندعوكم الى اكتشافها...
محمد علي بن جمعة ماهي الرسالة التي اردت ايصالها من خلال تحويلك مستودع بضائع الى فضاء ثقافي او «المخزن الثقافي»؟
طالما راودني حلم في ان يصبح لي فضاء ثقافي، في الاثناء كان لوالدي مستودع بجهة باب سويقة وفي سنة 2000 سلمني مفتاحه وكلفني به لكن وبمجرد او وطأت قدماي هذا المخزن فوجئت بحالته الرثة فقررت منذ ذلك الوقت استثمار هذا الفضاء وتحويله الى فضاء ثقافي وبالفعل انطلقت بمجهودي الخاص وبمدخراتي في عملية ترميمه واصلاحه وفي البداية اقتصر المخزن على ورشات عمل ولقاءات ونقاشات بين مختلف الاجيال اضافة الى تخصيصي قاعة عرض فيه وساعدني في ذلك حبي للتوثيق والتسجيل وكل ماهو قديم وفي سنة 2008 نالت الفكرة اعجاب وزر الثقافة انذاك عبد العزيز بن عاشور الذي وافق على تمكيني من منحة تسيير وهو ما ساعدني على توسيع نشاط المخزن.
الا ترى ان انجاز مشروع ثقافي في حي شعبي يعتبر مجازفة؟
اطلاقا لا فانا ابن باب سويقة وطالما حلمت باعادة البريق الى هذا الحي خاصة بعد ان فقد بريقه واشعاعه الادبي والفكري و تحوّل الى مجردّ سوق تجارية، لقد اردت اعادة الاشعاع وتذكير الشعب بأيام «الكافيشانطا» وغيرها من التظاهرات الثقافية القديمة لانه وللاسف صارت الاعمال الثقافية مقتصرة على الاحياء الراقية فعل سبيل المثال نجد في سيدي بوسعيد اكثر من 40 رواق فنون في مقابل نجد ان سيدي محرز لا يحتوي سوى على رواقين ، وبحكم اقترابي من هموم الشباب ومشاكلهم من خلال تجربة الراب وفّقت في توفير ما يستحقونه في المخزن .
وماذا يقدّم المخزن لشباب باب سويقة؟
في المخزن بامكان الشباب تحقيق احلامهم وتجسيد جنونهم «الفني» حيث تجدون الرسم والمسرح والموسيقى والسينما اضافة الى الفوتغرافيا كما استعنت منذ عامين برسام من كاليفورنيا درّب الشباب على تقنية وفن الرسم على الجدران في المقابل قمت الى جانب فضاء المخزن الثقافي ببعث جمعية المخزن والتي تهدف الى مساعدة الشباب في تحقيق احلامهم الفنية كما تقوم هذه الجمعية بمهمة تزيين الحومة العربي واعادة نبض الحياة اليها من خلال تنظيف شوارعها وتلوين جدرانها اضافة الى تخصيص جانب للاطفال لصقل مواهبهم ثقافيا .
وما الغاية من وراء كل هذا، هل هي الشهرة ام المال ام في الامر سرّ نجهله؟
كما اخبرتك هو حلم روادني في ان يكون لي فضاء ثقافي خاص بي، ولا انكر اريد ترك بصمة خاصة بي تتذكرني بها الاجيال القادمة وتستفيد منها .
على ماذا تعتمد في تمويل هذا المشروع خاصة اننا لاحظنا تغيّرات جذرية في المخزن من ناحية الديكور والاكسسورات؟
انا لا انكر اني تحصلت على دعم من قبل بعض رجال الاعمال وهنا استغل الفرصة لشكر كل من السيدين حمدي المدب و الهاشمي الجيلاني حيث ساعداني ماديا وكل ما أتمناه اليوم هو ان يدعم رجال الاعمال الثقافة والفن في تونس حتى تنتفع بها الاجيال القادمة فالثقافة كالخبز والماء ضرورية في حياتنا وهذا نداء اوجهه الى كل رجال الاعمال للاستثمار في القطاع الثقافي .
وهل من عائدات مادية يدّرها عليك مخزنك الثقافي؟
هي جمعيات تطوعية وغير ربحية اي ان هدفها اسمى من منطق الربح والخسارة فانا اقدم نوادي رسم وهناك نوادي سينما كل صبيحة يوم أحد كما يشرف عبد الستار عمامو كل 15 يوما على لقاء تحت عنوان مقهى التراث عموما انا لا اسعى حاليا الى الربح وحتى ما اتحصل عليه -وهو قليل جدا- انفقه على تجهيز المخزن بالتقنيات والمعدات اللازمة واليوم انا احلم بقاعة عرض تضم 80 كرسيا لتعليم الاطفال فن المسرح ومنحهم خبرتي وتجربتي وهنا لا بدّ ان اذكر ان وزير الثقافة السابق مهدي بن مبروك منحني مشكورا قرابة ال 500 كتابا وهكذا منح الفرصة للشباب للمطالعة مجانا واستعارة الكتب .
وهل وجدت صعوبة في التعامل مع شباب باب سويقة؟
لا ..ابدا فأنا تمكنت من استقطاب والتأثير على نسبة كبيرة من الشباب والاطفال واستطعت تغريمهم بعالم الادب والثقافة وذلك من خلال محاورتهم والاستماع اليهم كما وجدت تعاونا كبيرا من قبل الاولياء ..انا اعشق التحدي وسأكسب الرهان .
بعد أدائك صحبة اسماء بن احمد قصيد كلمات أو تكلم لمنور صمادح لماذا صمت محمد علي بن جمعة؟
لأنني اعلنت منذ البداية ان الراب هو تجربة اردت الاستفادة منها فنيا وماديا لكني لم اكن انوي المواصلة فيها وصراحة لقد استفدت من خلال تلك التجربة كثيرا حيث ساعدتني في عملي كممثل وقربتني اكثر من الجمهور كما عدت الى مسرح الشارع اضافة الى مساعدتي عديد الفنانين «الرابورات» المغمورين على اعتلاء خشبة المسرح وشرّكتهم في اعمالي كما قدمت خلال هذه التجربة التي تواصلت مدّة 4 سنوات، 20 اغنية والبومين وقدمت حفلات داخل تراب الجمهورية وخارجها واليوم تأكدت ان تجربتي في الراب انتهت فأنا اردت تجاوز الروتين الذي اقتحم حياتي كممثل من خلال تلك التجربة وتغيير الصورة النمطية التي يحملها البعض عن الممثل الهادئ والوسيم محمد علي ثم حان وقت الانسحاب.. اما عن اغنية تكلّم فقد اردتها تكريما لروح منوّر صمادح ولمسرحية خمسون، وانا اهديت هذه الاغنية الى كل الاذاعات رغم انها لم تلاق الرواج الذي تستحق.
اليوم لمن يقول محمد علي بن جمعة تكلّم؟
اقول تكلّم وعبّر وانقد وطوّر ونظّف وقدّم للمواطن التونسي للطبقة الصامتة اقول له انتخب وامنح صوتك وتخلّص من لامبالاتك في حين اقول للطبقة السياسية اصمتي وانتقلي الى مرحلة الفعل والعمل
افي الوقت الذي ترسخ في الشباب من خلال مشروعك الثقافي حبّ الثقافة والفن لكن في الجهة المقابلة هناك من يحاول القيام بعمليات غسيل دماغ لفئة اخرى من الشباب وتحريضهم على اعمال ارهابية؟
للاسف هذا صحيح.. وانا لا احمل المسؤولية لجهة معينة لأننا جميعا نتحمل مسؤولية ما آل اليه هؤلاء الشباب فالمثقف يتحمل المسؤولية شأنه شأن المربّي والولّي والدولة جميعنا حيث نجد اليوم شباب لم يتجاوز العشرون سنة متهما في عمليات ارهابية وهذا في غاية الخطورة لان شباب في مثل هذا السنّ من السهل جدا التأثير عليه لانه صاحب شخصية هشة لذلك نحن مطالبون بالعمل معا من اجل اصلاح الشباب وغرس ثقافات اخرى فيه ضدّ العنف والارهاب كما احمل المسؤولية الى وزارة الداخلية فهي مطالبة بتحسين ظروف عمل الامنيين ووضعيتهم والمواطن كذلك مطالب اليوم بمنح الثقة في رجال الامن ومساعدتهم.
كنت من المتضامنين مع وزيرة السياحة آمال كربول فلو توضح لنا موقفك؟
بطبيعة الحال اتضامن معها واحاول ان اتعامل بايجابية مع الحكومة الحالية والا انقدهم دون رؤية والوقوف على نتائج عملهم.
ولمراد الصقلي وزير الثقافة ماذا تقول؟
مراد هو زميل وهو فنان ومبدع لكني انصحه بان يختار جيّدا من حوله ومستشاريه وان يستمع الى الشباب ومشاكلهم
هل من اعمال جديدة؟
لي مشاركة في عمل درامي اجتماعي سيبث خلال شهر رمضان لوجدي السميري وعنوانه «ليلة الشكّ» اما سينمائيا انا بصدد تصوير فيلم وثائقي عن فن الهيب هوب في تونس كما افيدكم اني اعد لعمل مسرحي ثنائي مع الممثل معز التومي وسيكون مفاجأة للجميع .
حاورته: سناء الماجري